عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) logo (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
الشهادتان معناهما وما تستلزمه كل منهما
24000 مشاهدة print word pdf
line-top
نواقض الشهادتين

تكلم علماء الإسلام في كل مذهب على نواقض الإسلام في كتب الفقه في حكم المرتد، وما تحصل به الردة، وبالغ بعضهم في سرد الأمثلة التي تحصل بها الردة -نعوذ بالله- وقد بلغت عددا من المئين ما بين فعل وترك، لكن الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله تعالى- لخصها في عشرة نواقض، مذكورة في مجموعة التوحيد وغيرها، وإنما يهمنا هنا أن نذكر بعض الخصال التي ينافي فعلها كلمتي التوحيد، ولا يحصل الأمر المرتب على فعلهما والنطق بهما، فمن ذلك:
1- إنكار خلق الله -تعالى- لبعض الموجودات، أو إسناد بعض التدبير والتصرف إلى الطبيعة والصدفة، فإن ذلك طعن في الرب -تعالى- وذلك ينافي اعتقاد المسلمين إثبات كمال التصرف لله وحده، وأنه لذلك هو المستحق للعبادة. 2- إنكار شيء من صفات الكمال لله -عز وجل- كالعلم والحياة والقيومية والجبروت والسمع والبصر؛ فإن ذلك غاية التنقص الذي ينافي استحقاق الرب للإلهية، وهكذا إثبات شيء من النقائص التي نزه الله نفسه عنها، كالسنة والنوم والنسيان والظلم والولد والشريك ونحوها؛ فإن ذلك ينافي الكمال الذي استحق به الله -تعالى- العبادة من جميع الخلق.
3- وصف بعض المخلوقات بشيء من خصائص الخالق، كعلم الغيب، وعموم الملك، وكمال التصرف في الكون، والقدرة على الخلق والإيجاد بدون إرادة الله، فإن هذا تشريك مع الله لهذا المخلوق، ورفع له إلى مرتبة الخالق، وذلك غاية التنقص لله تعالى.
4- نفي استحقاق الرب -عز وجل- لكل العبادات أو لبعضها، كاعتقاد أنه -تعالى- لا يخشى ولا يدعى ولا يستحق أن يستعان به، أو لا أهمية لذلك أو لا فائدة فيه، وهكذا حكم من سخر ببعض العبادات، أو استهزأ بالمصلين أو المتمسكين بأي نوع من أنواع الطاعة، فإن ذلك انتقاد للشرع، وهو ينافي الشهادتين.
5- من اعتقد أن أحدا من الناس يسوغ له التشريع والتقنين ووضع الأحكام التي تغير الشرع، كإباحة الزنا أو الربا، وإبطال العقوبات الشرعية، كقتل القاتل وقطع السارق، وإبطال الزكاة، وتغيير الفرائض أو أي نوع من أنواع العبادات، وهكذا التحاكم إلى غير شرع الله والحكم بغير ما أنزل، فمن اعتقد ذلك أو نحوه فقد اعترض على الرب في شرعه، وزعم أنه ناقص أو غير ملائم، أو أن غير حكم الله أحسن من حكمه، وذلك غاية التنقص فلا يجتمع مع التوحيد الخالص.
6- صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله تعالى، وهو شرك القبوريين في هذه الأزمنة، فمن دعا ميتا أو رجاه أو علق قلبه به أو أحبه كحب الله أو انحنى له أو خشع وخضع عند القبر ونحوه، أو طاف به أو ذبح له أو نحو ذلك من أنواع العبادة فقد أبطل شهادته أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وقد سبق شيء مما يتعلق بمعنى الإلهية والعبادة وما يدخل فيها. 7- موالاة أعداء الله ومحبتهم وتقريبهم، ورفع مقامهم، واعتقاد أنهم على حق أو أنهم أولى بالتبجيل والاحترام من المسلمين، وسواء كانوا من أهل الكتابين أو من الوثنيين أو الدهريين، فإن طاعتهم وتوقيرهم وإعزازهم يوحي بأنهم على صواب، وأن المسلمين المخالفين لهم ضالون خاطئون، أو يدل احترامهم على تعظيم دنياهم أو علومهم الدنيوية، وكل ذلك ينافي حقيقة الشهادة.
8- الطعن في رسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو في شريعته، أو تكذيبه أو دعوى خيانته أو كتمانه لما أوحي إليه، وكذا إظهار سبه أو عيبه، أو التهكم بسيرته أو شيء من أعماله أو أحواله أو تصرفاته، ونحو ذلك مما يدل على إنكار رسالته في الباطن؛ فإن الطعن فيه طعن في الرب -تعالى- فهو الذي أرسله وحمله هذه الرسالة، وذلك يناقض كلمتي الشهادتين.
9- الطعن في القرآن الذي هو كلام الله -تعالى- كدعوى المشركين أنه سحر أو شعر أو أساطير الأولين، أو أنه مفترى مكذوب، وكذا من زعم أنه قول البشر، أو نفى إعجازه أو حاول معارضته بمثله، وأن ذلك ممكن أو كذب ببعض ما اشتمل عليه، أو أنكر بعض السور أو الآيات المنقولة بالتواتر أو نحو ذلك، فإنه كافر مكذب لله ورسوله، وذلك يناقض كلمة التوحيد.

10- إنكار شيء من الأمور الغيبية التي أمر الله بالإيمان بها، وأخبر بثبوتها وأحقيتها في كتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- كالملائكة والكتب، والرسل، والبعث بعد الموت، وحشر الأجساد والجنة والنار، وكذا عذاب القبر ونعيمه، ونحو ذلك، فإن من جحد منها شيئا فقد كذب الله وكذب رسوله -صلى الله عليه وسلم- وذلك أكبر الطعن في الرسالة، وما اشتملت عليه، فهو يخالف ما تستلزمه الشهادتان.
واقتصر على هذا القدر مما يتعلق بالشهادتين وما يكون به تحقيقهما، وذلك على وجه الاختصار، ومن أراد التفصيل وجد ذلك في كتب أئمة الدعوة -رحمهم الله- وكذا من سبقهم من علماء المسلمين، والله أعلم وأحكم، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

line-bottom